الكلمة التى القاها المهندس/اسامة البحر امام جمهور الحاضرين بمقر مركز الجيزويت الثقافى بالفجالة- مساء الاربعاء 26/10/2011 فى الحفل الذى اقيم تكريما لروح شهيد الثورة الشاب /مينا دانيال بماسبيرو فى 9/10/2011 رحمة الله وتكريما لارواح كل شهداء الوطن.....

Saturday, 28 June 2008

وداعا ايها الوجه الملائكى

وداعا ايها الوجه الملائكي
Displaying the only post.
Post #1
Shreen wroteon June 28, 2008 at 1:40pm
تغطية: شرين منصورعلاء الاسوانى بالاسكندرية :ان المصريين يعيشون بالصدفة ويموتون ايضا بالصدفة..... فاالى متى؟وداعا عذرا ء الاسكندرية الصغيرة ... نهر اسامة البحر ذكريات لن تموت(اللهم إنى أسألك الشهادة بصدق و من كل شئ أسألك ميتة الشهداء...تلك كانت دعوة نهراسامة البحر عذراء الاسكندرية الصغيرة التى كانت مدونة في احدى كتاباتها الابتهالية ، دعتها واستجاب الخالق لدعواها ، نهر و ندى اسامة البحر ووالدتهما السيدة منى ما هى الا اسرة بسيطة راحت جميعها نتيجة الاهمال والفساد العارم في مجتمعنا الذي اصبح مثل الاخطبوط ، تلك الاسرة التى شاء القدر ان يبعد رب اسرتها المهندس أسامة البحرعن الاسكندرية لينقل لنا نتائج الاستهتار والفوضى التى ادت الى انهيار اسر بأكملها كانت من ضمنها اسرة البحر التى قامت بتعرية وجه خالى من أي ملامح انسانية يرتدى قناع مزيف مكتوب عليه الاهتمام بالشعب ومشاكله ولا للرشاوى وايقاف كل مهمل الا ان هذا القناع لم يدم طويلا فقد انهار مع انهيار عمارة لوران يوم 24/12/2007.أقام المهندس والد الشهيدات معرضا بأتلييه الاسكندرية تخليدا لذكرى الفنانة الصغيرة التى لم يستطع الشعب السكندري معرفتها عن قرب الا بعد وفاتها ، حيث قام والدها بجمع لوحاتها الفنية اثناء فترة الدراسة ومشاريع تخرجها ، بالاضافة الى صورها الشخصية والشهادات التى حصلت عليها من كلية الفنون الجميلة والتى شملت شهادة التخرج وشهادة تقدير لكونها الطالبة المثالية للكلية..بدأت الندوة بكلمة رب الاسرة بكلمات شكر وامتنان لكل من شارك باقامة المعرض وتنظيمه ومن قام بالحضور خاصة الروائي الكبير الدكتور علاء الاسوانى الذي جاء من القاهرة لكي يشارك صديقه اسامة البحر في المعرض الذي اقامه.وقد اشاد الروائي الكبيرخلال كلمته بان ما حدث لعمارة لوران حدث بفعل فاعل هو الفساد الحكومى الذي يغطى كل مجال ,وباننا قد تعلمنا درسا ان المصريين يعيشون الان بالصدفة ويموتون ايضا بالصدفة وانه لا يوجد أي نوع من النظام في هذا النظام السياسي يهتم بصحة المصريين او حياتهم او مشاكلهم ربما لو كانت مصر محتلة احتلالا اجنبيا لما تدهورت قيمة الانسان المصري الى هذا الحد، اما ان تتدهور قيمة الانسان تحت من يزعمون انهم قد خرجوا من الشعب المصري وانهم على ولائهم فهذه كحقيقة كذبة تضاف الى المأساة ، وان ما حدث في عمارة لوران حدث في عمارات اخرى كثيرة ربما كانت عمارة لوران قد أخذت من الاهتمام الاعلامى نتيجة لموقعها وللطبيعة الاجتماعية للسكان الضحايا، لكن في الريف المصري والمناطق العشوائية والصعيد المصري هناك آلاف ولا أقول عشرات الالوف من الضحايا الذين ماتوا ويموتون كل يوم ضحايا للاهمال والفساد ، وان في مستشفيات مصر كل لحظة شخص يحتضر أو يموت نتيجة للفساد والاهمال ، وفي معاهد الكلى والسرطان ربما هذا هو الرقم الاكبر في الانجاز في النظام المصري هو عدد المصابين بالفشل الكلوى و السرطانات وبالفعل قد تفوقنا على العالم كله في هذه الارقام..على جانب أخر أشار الاسوانى خلال كلمته أن صديقه اسامة استطاع ان يحيل الحزن الخاص الي العام، وانه نجح في تحويل حزنه الى انشطة ووتنظيم لقاءات مثل هذه اللقاء، واحالة الحزن العيمق الى عمل عام ربما يجعل حدوث مثل هذه الكوارث اقل قليلا وذلك من خلال الجمعية التى سيقيمها تحت اسم (جمعية منى نهر الندى) لرعاية شهداء الحكومة المصرية ، ومن خلال ايضا تحركه برفع دعوى ضد المتسببين في الحادث.أما عن كواليس كلمته التى كتبها في نهر اسامة البحر ، انه فقط كان على علم بأنها طالبة في كلية الفنون الجميلة ولم يتوقع مستوى اكثر من طالبة الا انه فوجئ بموهبة قوية ومدهشة وانها استطاعت من خلال الرسوم وضع ملامح في لوحاتها الفنية، واوضح أن نهر هي فتاة الطبقة المتوسطة العليا وانها لا تعانى من أي مشاكل حياتية خلال حياتها القصيرة وانها محبة ، وان البورتريهات الشخصية التى قامت برسمها بها حزن وهواجس وفزع غريب وكأن تلك الوجوه رأت شيئا لا نراه نحن ،وهذا ما قد ظهر خاصة في بورتريه قد رسمته وكتبت بداخله بالانجليزية الى متى هذا العذاب.وعلى هامش الندوة قد تم توجيه سؤال الى الكاتب الكبير حول احتمالية تحويل قصة الشهيدات الى رواية فاجاب ان الروائي يستفيد من كل ما يعيشه من احاسيس وتجارب انسانية الا انه لا ينوى الاستفادة من تلك الحادثة.أما عن كلمة والد الشهيدات كانت تحمل في طياتها مشاعر متضاربة بين حزن دفين وصبر باستطاعته ان يسقط جبال حيث كانت رسالة من والى نهر حيث تخيل والدها انها تقول له لا اعرف كيف اصف لك يا ابي سعادتى وانا اعيش الحقيقة ولقد وجدت كل ما اتفقنا عليه سابقا ، هذا وقد ذكر في كلمته ان المعرض سينتقل الى القاهرة في ذكراه السنوية 24/12/2008 بعد مرور عام وبعد اصدار الاحكام في القضية ، هذا بالاضافة الى اقامة مدونة لمتابعة كل المواهب .أشار الاستاذ محمود رشدي والخبير في ادارة الازمات و المسؤل عن اقامة الجمعية ، ان المهندس اسامة البحر هو نموذج رائع كيف تخرج من الازمة بنتائج ايجابية من خلال اقامة المدونة على الانترنت وانشاء الجمعية ليكون الهدف منها محاربة الفساد ومساعدة المحتاجين وكفالة الايتام ،والتى قام الدكتور محمد شاكر عميد كلية الفنون الجميلة سابقا بتخصيص شقة لتكون مقرا للجمعية.وقد أعربت الاستاذة كريمة الحفناوى الناشطة في حركة كفاية عن حزنها الشديد للحال الذي وصلت اليه مصر واننا بالفعل شهداء الفساد والى متى سنظل ضحايا ونظل لنقدم الكرابين والى متى سنقدم شبابنا وبناتنا .. هذا وقد خانتها دموعها لتذرف لتوضح لنا بشاعة ما نحن فيه . أما عن كلمة الحضور فكانت اهمها وهى كلمة القى بها أحد اصدقاء والدها :ان نهر كانت تقول في بيتها (انا نفسي نموت مع بعض)وبالفعل الا انه كان لابد من ان يبقى اسامة لكى يخلد ذكراها ، كما ان موتها لم يكن بالشئ الغريب لأن الزهور المبدعة دائما تقطف مبكرا فمن منا ينسى وفاة هاشم الرفاعى 26 سنة وسيد درويش 31 سنة.اثقل ميزانى يوم الدين وترفعنى لمنازل المجاهدين والشهداء ولأعلى درجات الرضا الالهى والجنة.. تلك كانت الدعوة التى طلبتها من الله وكانت لك يا عذراء الاسكندرية الصعيرة نهر اسامة البحر هى لن تكون اخر الكرابين التى قدمت للفساد والاهمال والتقاعص عن تحقيق العدالة.. فستظل ذكرى لن تموت.وداعا ايها الوجه الملائكى ...

Monday, 16 June 2008

منى نهر الندي- بيان صحفي

تنشغل الإسكندرية الآن بتظاهرة ثقافية محاطة بكثير من الأسى ، وبطل هذه التظاهرة فنانة تشكيلية شابة قضت عليها أيادى الغدر فراحت ضمن أسرة كاملة تحت أنقاض عمارة " لوران " المنهارة بالأسكندرية.
وفى يوم 26 يونيو تقام احتفالية هائلة بقاعات عرض آتيلييه الإسكندرية حيث يفتتح معرض الفنانة الراحلة " نهر أسامة البحر " تعرض فيه أكثر من سبعين عملا ما بين تصوير فنى ورسوم وصور فوتوغرافية لمراحل حياة الراحلة مع أسرتها التى ذهبت أيضا فى نفس الحادث والتى يحب مثقفى الإسكندرية أن يسموها " منى نهر الندى " ومنى هى الأم وندى هى الأخت الصغرى للراحلة نهر البحر.

يحضر الافتتاح لفيف من أدباء وفنانى ومثقفى الإسكندرية رغبه منهم فى تحية روح الراحلة واعتراضا على كل ما يعيق الحياة المستقرة للإنسان.
يفتتح المعرض رئيس جامعة الإسكندرية أ.د/حسن ندير ، وعميد كلية الفنون الجميلة أ.د/محمود عنايت ( حيث كانت الراحلة دارسة فى مرحلة الدراسات العليا ) ويحضر الافتتاح أيضا رئيس أتيليه الإسكندرية أ.د/ محمد رفيق خليل..

وسوف تقام ندوه فى نفس الليلة يشرفها الأستاذ والروائى الكبير د.علاء الاسوانى بالحضور لمناقشة اعمالها وحياتها وسيرتها الذاتية.


قومسيير المعرض
أ.د/ فاروق وهبه

Friday, 13 June 2008

معرض لوحات وصور ومتعلقات الشهيدة نهر







الشهيدة "نهر" هي إحدى ضحايا عمارة لوران المنكوبة، والتي كانت تعمل معيدة بكلية الفنون الجميلة وكانت تعتزم السفر لإيطاليا لعرض أعمالها قبل الحادث

نهر ليست الضحية الوحيدة للفساد بل هناك ما يزيد عن ثلاثين شخص آخر...

وإحياء لذكرى الشهيدة نهر، يقام معرض لوحات وصور وكتابات ومتعلقات لأعمال نهر يحضره زملائها وأساتذتها ومحبيها، وسوف يفتتح المغرض الدكتور رئيس جامعة الأسكندرية.

وسوف تقام ندوة في نفس أمسية الاحتفال بالمعرض يشارك فيها الروائي علاء الأسواني وبعض الكتاب والفنانين

والد نهر المهندس أسامة البحر -والذي فقد أسرته بأكملها في الحادث - ذكر إنه سيستمر في المطالبة بحق ضحايا عمارة الأسكندرية... وإنه بعد مطالبات عديدة للنائب العام سيتم عرض القضية أخيرا أمام محكمة جنايات الأسكندرية في الحادي والعشرين من الشهر الحالي، أي قبل أيام من معرض نهر


يقام المعرض يوم الخميس 26 يونيو في السابعة مساء
العنوان:أتيلية الأسكندرية- اتحاد الكتاب والفنانين- 6 شارع فيكتور باسيلي -حي الفراعنة بجوار مبنى المحافظة

ويشرفنا حضوركم

Saturday, 7 June 2008

كلمة الكاتبة آمال الميرغني


عرفت الأستاذ أسامة البحر حديثا جدا ، وفي سياق اهتمامه بالأدب واحتفائه بمجموعتي القصصية الذي يأتي ضمن رعايته المخلصة للصالون الثقافي للكاتب علاء الأسواني ، وكانت دهشتي كبيرة عندما عرفت أنه قد فقد حديثا زهراته الثلاث الجميلات في واحدة من مآسي مسلسل حوادثنا العبثية ، ولكن هاهو يقرأ ويتحمس وينتصر للفن الجميل ويجمع شمل الشباب حوله ، ولا شك أنه يقوم بأجمل أنواع المقاومة الإنسانية لهذه الخطوب القمينة بتقويض البشر . ولما كنت لا أملك من كلمات العزاء ما أجده ملائما لمصاب كهذا ، ولا كذلك ما أجده ملائما من كلمات السخط على من يزجون بنا في أهوال كوارث كهذه ، فأرجو أن تكون مساهمتي بإلحاق قصتي (شاب وفتاة ) بهذه المدونة تعويضا عن الخرس الذي يستبد بي في هذه المواقف ، خاصة وقد شرفاني الأستاذ أحمد الخميسي والأستاذ أسامة البحر بترشيحها لتكون أول مساهمة أدبية في هذه المدونة ، إيمانا بدور الأدب في حياتنا وتأكيدا على قدرة الإبداع على مساندتنا ودعمنا و إثراء حياتنا بالتأمل ومحاولات الإدراك وغسل قلوبنا بمتعة التلقي ، ولأن الفن يظل أحد أهم الحصون التي نحتمي بها في مواجهة القبح والقسوة والشرور . وأتمنى أن أكون بإضافة هذا العمل الأدبي هنا قد أضأت شمعة لهذه الأرواح البريئة بجوار ما أضاءه أحباؤهم وأصدقاؤهم من الشموع
آمال الميرغني

شــــاب و فتـــــــاة

بدأ ذلك في ظهر يوم قائظ في أول الصيف ، حين أستدرجهما حلمهما الذي تأجل طويلا بأن يكونا وحدهما لبعض الوقت . كانت هي قد دبرت أمر المفتاح منذ وقت طويل ، ولكنهما كانا كلما ألتقيا يؤجلان ذهابهما ، حتى أتى ذلك اليوم الذي حسم فيه القيظ مماطلتهما ، جاعلا الأحتماء من لهيب الشمس تحت أي سقف بمثابة أنقاذ لا يحتمل التأجيل .
لم تستطع أن تتذكر بسهولة كل التفاصيل المتعلقة بموقع شقة أخيها الذي هاجر الى الخارج منذ سنوات ، وكانت حينذاك ماتزال طفلة . لكنها بعد عدة جولات خاطئة بالشوارع المجاورة ، وجدت نفسها بجوار البناء . وبينما تجتاز مدخله ، بدت لها أعمدته الوردية وبلاطاته الكبيرة أليفة وحميمة .
تسللا تباعا ، محاذرين الألتقاء بسكان العمارة . وسيطرا بعناء شديد على رعشة أيديهما وهي تتبادل المفتاح اذ كانا راغبين في أن ينفتح لهما ذلك الباب بأقصى ما يمكن من الهدوء والسرعة .
كانت الشقة المهجورة منذ عدة أعوام في حال بائسة . غارقة تحت طبقات من الغبار وخيام العنكبوت. والأسوأ من ذلك ، هو ما أكتشفاه منذ الدقائق الأولى ، وهو أنها مقطوع عنها الماء والكهرباء. لكنها بالطبع كانت كافية لتحقيق حلمهما . جلسا على أريكة الصالون اليابسة بعد أن رفعا عنها الملاءة القديمة التي صارت بلون الرماد. وراحا يستنشقان الروائح الراكدة في الشقة، وأنتابهما أحساس غائر بالوحشة. لكن أيديهما التي لم تكف لحظة عن التجاذب والتماسك وألتماس العون ، فتحت الطريق أمامهما ، فتخلصا من الأحذية التي كانت أقدامهما تنصهر داخلها ، وغابا في عناق صاعق كالمفاجأة .
بعد قليل، صعد شخصان السلم وراحا يتحدثان بحدة عن أمر ما، فاضطربا وبدت لهما الأريكة التي كانت في مواجهة الباب غير آمنة، فبحثا عن غرفة النوم.
كان حبهما الذي يقترب من نهاية عامه الثاني ، قد نضج وسط ضجيج الأرصفة وزحامها . بين الحدائق والملاهي ودور السينما ، حيث كانا يختلسان اللمسات والقبلات كلما أمكنهما ذلك في تلك الزوايا والأركان التي نادرا ماتخلو من البشر في هذا البلد المزدحم . وكانا يقولان أن ما أمضياه معا ، يبدو لهما عمرا طويلا أضيف الى عمرهما السابق . وحين مضت بهما السيارة ، في ذلك اليوم ، في الطريق الى الشقة ، تملكهما شعور عميق بأنهما يتأهبان بحبهما لغوص أعمق في هذه الحياة . وكان ذلك مفرحا ومخيفا في آن.
جلسا على الفراش في غرفة النوم ، التي كانت مكدسة بالصناديق التي حوت مكتبة أخيها وأدوات مطبخه ، الى جانب بعض الأجهزة القديمة وعددا من السجاجيد المطوية ، وبدا الهواء لبضع دقائق أثقل من أن تمتصه رئتين مخلوق بعد أن نفثت فيه هذه الأشياء جميعا روائح هجرانها الطويل . و كانت النافذة الوحيدة مغلقة بأحكام وقد غطى خصاصها بأكمله بالأقمشة ، ومع ذلك فلقد كانت أكوام الغبار عصية على الفهم ، حتى أنهما أضطرا لأن يجرفانها من فوق الفراش بجاروف الأرضية . لكن ذلك كله قد جعلها أشبه بأحد المخازن النائية المهجورة ، وأسبغ عليها حالة من العزلة الآمنة ، فدخلا فيها الى عالمهما الجديد كرجل وأمرأة . ثم ضحكا من نفسهما فحين يكون لهما في المستقبل غرفة نوم حقيقية ، كم ستصبح عندها ذكرى مرتهما الأولى هنا مثيرة لتندرهما
قالت : ولكنها ستكون عزيزة علينا
فسأل : ترى حين يصبح لنا بيتا، سنأتي اليها من حين لآخر لنتذكر ؟
ولم تجب ، فقد نامت من فورها مخدرة بالأرهاق ، و شدة الحر، وسرعان مالحق بها .
حين أستيقظا، كان الظلام في غرفة النوم يزحف فيخفي مساحات من جسديهما وأجزاء من وجهيهما ، فأضطر للخروج الى الصالة ليرى ساعته على هدى الضوء الشحيح بها . كانت تقترب من السابعة . وحينما عاد ، كانت تتقلب في الفراش . قالت بصوت ناعس :
- حلقي جاف ، مت من العطش
فقال وهو يحتضنها و ينهضها: كلها دقائق ثم تشربين
وأعقب هازا أياها بمرح : ولكن اصحي أولا
عدلا ثيابهما ، وبذلا كل ما وسعهما في نفض الغبارعنها ، ومحو ما علق منه برأسيهما وأهدابهما . وبعدأ ن أعادا كل مالمساه من أشياء الى ماكان عليه ، تحسسا طريقهما الى الباب بين أشباح الجدران وقطع الأثاث .
وعند الباب لم يجدا المفتاح . فتذكر أنه عند دخولهما أغلق به الباب وأنه وسط أرتباكه وضعه بجيبه . لكنه لم يجده بأي من جيوبه . فعادا يفتشان عنه في الطريق المؤدي الى غرفة ا لنوم . ثم بحثا فوق الفراش وبين الوسائد ، ولم يكن هناك أيضا . حاولا ترتيب أفكارهما ليتذكرا بدقة ما الذي حدث فور دخولهما . فتذكر أنه دخل الحمام ، وتذكرت أنها سمعت من هناك رنين قطعة نقود ، ولكنها أدركت الآن أنه رنين المفتاح . ذهبا الى هناك وكان الظلام قد أطبق تماما ، فمسحا البلاطات المتربة بأيديهما ، ود سا أذرعهما في المرحاض وسيطر عليهما الذعر .
مسحا بجنون كل قطعة أثاث بالبيت ، وجثيا يمسحان الأرض في غرفة النوم والصالة ، وحتى في المناطق التي لم يدخلاها في الشقة وأستنفدا خلال ذلك أعواد الثقاب القليلة المتبقية لديهما ، ثم سقطا منهكين .
قال : ليس أمامنا غير الأنتظار للغد . ولكن هل يأتون ويبحثون عنك هنا ؟
قالت شاردة: لا أظن، لن يخطر ببالهم أنني مازلت أذكر هذا المكان
ولما تحتم عليهما أن يقضيا الليل هنا، فقد راحا يقلبان في تدبير الحجج والأعذار التي سيقولانها في الغد لعائلتيهما ، وكيف سيدعمانها ، ومن الذي يمكنهما الأعتماد عليه من الأصدقاء حتى يكشفان سرهما له .
وهكذا قضيا ليلتهما الأولى بها ، يضنيهما الجوع والظمأ ، ويمرضهما الهواء الراكد والكوابيس .
في اليوم التالي نهضا مع بداية الضوء، وعاودا البحث بحماسة جديدة على هدى ضوء النهار. قلبا حشية الفراش وكادا يمزقانها . نفضا كل الملاءات المعفرة التي كانت تغطي الأثاث. وحركا كل قطعة أثاث بحذر وعناء ، وتقيآ أمعاءهما الخاوية وهما يتناوبان البحث في المرحاض والبالوعة ، وعادا الى الباب . فانهارت على المقعد وقالت ذاهلة :
- أننا لن نجده أبدا . لقد سقط في المرحاض أو في البالوعة أو الله يعلم ماذا ولن نجده أبدا
وأستسلمت للبكاء . تلفت حوله حائرا ثم قال
- ولكن لابد أن هناك وسيلة أخرى
وراح يبحث بين متعلقات البيت عما يمكن أستخدامه في فسخ الباب . لكنها لحقت به وسألته مضطربة :
- هل يمكنك أن تفعل ذلك بدون صوت ؟
توقف ونظر اليها طويلا ، متتبعا بخياله ذلك الضجيج الهائل الذي سيحدثه ، والذي قد لا ينجح مع ذلك في فتح الباب ، ولكنه سينجح بالطبع في جذب الجيران وتحلقهما عند الباب . لسوف يساعدونهما على الخروج ، بلا شك ، ولكنهم سيسمحون لأنفسهم بعد ذلك بالتصرف فيهما كيفما يشاءوا . هناك أحتمالات عديدة ، وكل منها أسوأ من الآخر، حتى أنه لايرغب في التفكير بأي منها كأمر يمكنهما أحتماله . كانت واقفة أمامه و سؤالها المرتجف مازال عالقا بشفتيها اليابستين المزرقتين ، وعيناها الملتمعتان رعبا تتلهفان على أجابته ، وأحس بالوهن في ساقيه فارتمى على مقعد قريب .
بعد قليل ، قررا أن يتفقدا النوافذ ، آملين أن يجدا خارجها مايمكنهما التعلق به ، كمخاطرة لامفر منها . و لكن كان عليهما أن ينتظرا للليل . فأمضيا بقية النهار ثملين بالنعاس الذي كان الطريقة الوحيدة للتغلب على ما يحسانه من تشوش و وهن ، بينما كانت أصوات أقدام الجيران وأحاديثهم ونداءاتهم لا تنقطع عن السلم .
وحين هدأت الأصوات وتباعدت ، نهضا ، وراحا يديران مقابض النوافذ ، ويفتحانها عن شقات ضيقة تسمح لهما بأن ينظران الى ماحولها. تطلعا مرارا ، بلهفة أولا ثم بتدقيق وتأن ، ليذعنا أخيرا الى أنه ليس ثمة شيء يمكنهما التعلق به . فعادا الى الفراش ، تعانقا ، وأجهشا طويلا حتى أسلمتهما الدموع للنوم ، مستسلمين بنومهما للغوص في ذلك المجهول الذي ينتظرهما .
وفي اليوم التالي صحيا عند المغرب ، لكنهما لم يستعيدا صحوهما تماما . وفي الليل أنتابتها رعشة وراحت تهذي ، فأفاق وتخبط في الظلام باحثا عما يدفئها به . سحب الملاءات المتربة ووضعها فوقها ، لكنها زادت من أرتعاشها ، فانسلت من بينها مبتعدة إلى طرف الفراش ، وتكورت على نفسها وغاصت في غيبوبتها .
في الصباح ، ماءت قطة ملتاعة على السلم ، وأغلق أحدهم نافذته بصخب ، وطفى صوت بعيد لنداء بائع خضار ، وعبر نفير واهن لسيارة بعيدة كأنما يمضي من الماضي الى الماضي . وكانا يقطعان غيبوبتهما من وقت لآخر ، فيهيمان بين الصالة والحمام وغرفة النوم ، ثم يعودان الى الباب ، حيث أستقرا أخيرا بجواره وعيونهما شاخصة اليه .


آمال الميرغني

Monday, 2 June 2008

كلمة الأستاذة وفاء يونس: سبحانه الحى الذى لا يموت


تلك هي دائما كلمة على لسانى أرددها عندما اسمع خبر موت أحد وهذا ما قلته عندما ماتت أمى فتحجرت الدموع فى عيناى ولم أبكى وما فعلت سوى أننى نظرت إلى السماء وقلت يا رب سبحانك الحى الذى لا تموت ..
وعند سماع خبر وقوع عمارة لوران فحزنت جداً ولم أتخيل أبداً أن يكون لى أحد فيها الا عندما زادت ضربات قلبى وانا أذكر الاب الروحى لى وهو أسامة البحر فقلت سأتصل وأطمئن وقلبى يدعو أن يكون ما يدور بخلدى أن يكون أوهام فى أوهام ويأتينى صوت بابا أسامة وفى هذه اللحظة ما شعرت انه اسامة البحر ولكن شعرت انه اسامة البركان أو الفيضان من الحزن والألم على حبات عينيه نهر وندى وزوجته يا لهول الصدمة على قلبه الكبير الذى يساع الدنيا بأكملها من كثرة الحب والعطف ويا لهول الصدمة على قلبى الصغير الذى لا يستطيع أن يصدق ولا يستطيع أن يقف بجانب هذا الأب الملوع بآلام الحسرة وكسرة القلب وهطلت الدموع مثل الأمطار على وجنتى وأنا أتذكر كلام الأب الجميل فى الروح والأخلاق أسامة البحر عن ابنتيه التى كنت اتمنى أن أراهم فى الحقيقة من كثرة الحديث عليهم فهو كان يعتبرنى ابنته وكان يجهز للقاء عاجل بين اخوتى نهر وندى ولكن يا لسوء حظى أن أحبهم من غير أن أراهم ولم تراهم عيونى إلا عندما نشرت صورهم على أغلفة المجلات والجرائد يا لحسرة قلب أبى وقلبى معه.. فيقولون عنهم أنهم أولاد موت وهل الموت ينجب .. ولو كان الموت ينجب فهل كان مثل القطة التى أكلت أولادها خوفاً عليهم من البشر.. أسئلة كثيرة تحيرنى ولكنها حكمة وقدراًَ من الله عز وجل وعلينا أن نرضى ونحتسب.
كلمة أخيرة وعذرى على اننى اخدت من وقتكم فى قراءة كلامى كتير
برغم مصيبتك فى أزهار عمرك يا أبى
ومصيبتك فى رفيقك عمرك يا أبى
أدعو الله لك بأن يحمى قلبك الرقيق الطيب الحنون
بالصبر بالصبر بالصبر
فلا شئ غير الصبر معين على الليالى القادمة
وأنا معك يا أبتى بعد الله عز وجل
عصا لك تتوكأ عليها إلى آخر العمر
لا أستطيع غير أن أقول ربى ارحم شهيداتنا (منى ونهر وندى) ونحتسبهن عندك فى الجنة إن شاء الله
وأخيراً دعائى لشهيداتنا أهديهم دعائى لعل الله يقبلهه منا جميعاً
اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا.
اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان.. اللهم يمن شهيداتنا منى ونهر وندى كتابهن ويسر حسابهن وثقل بالحسنات ميزانهن وثبتهن على الصراط أقدامهن وأسكنهن فى أعلى الجنات فى جوار نبيك ومصطفاك

-------
وفـــاء يونــــس
صحفية