الكلمة التى القاها المهندس/اسامة البحر امام جمهور الحاضرين بمقر مركز الجيزويت الثقافى بالفجالة- مساء الاربعاء 26/10/2011 فى الحفل الذى اقيم تكريما لروح شهيد الثورة الشاب /مينا دانيال بماسبيرو فى 9/10/2011 رحمة الله وتكريما لارواح كل شهداء الوطن.....

Friday 11 July 2008

كلمة الأستاذ / اسامة البحر بافتتاح معرض ابنته الشهيدة الفنانة نهر

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدات و السادة / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... شكرا لحضوركم وأهلا بكم
ايها الأحباب ... هذه ليست مناسبه للحزن ... ولكنها مناسبة للحب .
نعم ... أرجو من حضراتكم ألا نعتبر هذا اللقاء مناسبة للحزن الذى قد لا يكون هناك مهرب منه ... فنحن فى النهاية بشر ... وإنما أدعوكم وأدعو نفسى قبلكم بالتسامى على الأحزان ... وأن نجعلها مناسبة للحب والامل والعطاء للحياه من حولنا ... مناسبة لإستدعاء كل القيم والمعانى الجميلة والنبيلة التى أصبحنا نفتقدها أخيرا بعد أن كادت أن تختفى للأسف من حياتنا .
ايها الاخوه دعونا نضرب مثلا و نجعلها مناسبة لإحياء الأمل فى القلوب والعودة إلى تمثل قيم الحق والخير والجمال ... بمزيد من تعميق إيماننا بالله و عبادته بمزيد من الإقتراب اكثر من قلوب الآخرين وفى الحقيقة ...وفى رأيى ببساطة إن هؤلاء الآخرين هم الوطن ... فدعونا نقترب اكثر منهم... مشاعرهم ...أفراحهم وأحزانهم ...آمالهم وإحتياجاتهم المشروعة كلما إستطعنا ... فهذا هو أساس الإيمان الحق بالله وبالوطن وذلك بنص الحديث الشريف ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
حقا أيها الأخوة ... ما أوضح المعنى وأعمق بلاغه هذه العبارة بكلماتها السهله البسيطة ...ولكن ما أصعب المهمة!!... لكونها حقيقه يمكن فقط للنفس السويه أن تختبرها فى أعماقها ... وإن استطاع أحدنا أحيانا أو أراد لعجزه أو ضعف إيمانه أن يخدع نفسه ... فهو أبدا لن يخدع الله ... وإنما نحن أحيانا ما نهرب من دفع تكلفة الإيمان الحقيقى والجهاد الأكبر من جهدنا ووقتنا وما لنا.
أيها الأخوه ... دعونا نقترب أكثر من جوهر الدين وكل الأديان لها جوهر واحد وكلها طرق مختلفة للوصول الى الله الواحد بالفهم الاعمق والقراءة الصحيحة لها ... ومنها القرآن العظيم والسنه الشريفة والانجيل وأقوال السيد المسيح عليه السلام بأهمية عدم الاكتفاء بالمظهر الخارجى فقط وإن كان مهما... ولكنه يظل ليس كافيا ... وهكذا فشروط الإيمان واضحة وبسيطة وفى متناول الجميع فلا كهنوت فى الاسلام حيث علاقة الانسان بربه مباشرة وهى بالحق تصبح هى الجهاد الاكبر ... جهاد النفس و القدرة على حب الآخرين وأن يكون لهم مكانا فى حياتنا ...وأيضا يتكرر نفس المعنى فى حديث شريف آخر
( إن مشى أحدكم فى حاجة أخيه ساعة خير من 100صلاه فى مسجدى هذا).

السيدات والسادة
إننا حقا مسلمين ومسيحيين و يهود وغير ذلك من أديان أخرى جميعا نصلى ونصوم ونقيم الشعائر والطقوس التى أمر بها الرب ... وهذا حق واجب و بدونه يظل الإيمان ناقصا وبنص الحديث الشريف والشرط والمقياس هنا واضح وقاطع كما ذكرت ...ولكن كيف يتم هذا ... الاجابه أيضا واضحة لمن يرغب حقا فى أن يكون إيمانه صادقا غير منقوص وذلك بالحب الذى يصدقه العمل والتضحيه ببعض الوقت والجهد والمال من أجل الاخرين ... ولا يجب أن نتقاعس ونركن للدعه و الكسل او حب النفس اكثر من اللازم بالانانية و نقول اننى واولادى أولى بهذا ... وإن كان هذا أيضا حق و لكنه يظل حق فى حدود ... لأن الآخرين أيضا هم بمثابه اولادك وعباد الله الذين لم يخلقهم حولك عبثا... فأنت لم تكن تقدرأن تعيش وحدك بدونهم فى هذه الحياه وإنما نحن ننسى بل أحيانا قد لا نرى.

وأكاد أجزم بأن ابنتى الشهيدة نهر الخير والعطاء كانت تطلب الشهادة من الله و هى تدعوه فى ابتهالاتها أن يغفر لها و
قد استجاب لدعائها أخيرا وقد كانت صادقة فى رؤيتها عن هول ما كانت تعيه من تكلفة الايمان الصادق بجوهر الدين حيث كانت ترى أنها مهما فعلت وضحت ...فستظل مقصره مهما قدمت من حب و تسامح ورعاية لليتامى والمحتاجين.
وكانت صديقتى قبل أن تكون إبنتى ... وأكاد أسترجع احاديثها الممتدة عبر صداقتنا الممتدة حتى الان عندما اتخيلها تقول لى فى أوقات هدوئى وصفائى وإنسحابى قليلا فى وحدتى للقاءها بعد الغياب برغم وجودها الان فى الجنه و انا هنا بينكم ...اتخيلها تقول لى:
· لا اعرف كيف اصف لك يا ابى سعادتى وأنا احيا الحقيقه بعد أن أفاقنى الله برحمته من أوهام دنيا عبرت وإنقضت ... لقد وجدت كل ما إتفقنا عليه هو الحق ... و لكن تظل حقيقة أن قصور الانسان على أن يفعل الصواب هو المشكله وأن البشر مكبلون بقدرتهم على أن يقعوا فى الخطأ لنقص إيمانهم ... فكلنا يا أبى ننتظر أن يحبنا الآخرين و يقدمون لنا ما نطلب و لكن لا أحد يسأل نفسه ... هل هو أصلا يحبهم بنفس القدر ... وماذا قدم لهم؟!
كلنا يا أبى ننظر لما فى أيدى الآخرين و الصحيح أن ننظر الى ما فى أيدينا نحن لنرى ما أعطانا الله ونحمده و نشكر فضله و هذه عباده وعلامه من علامات الايمان .
أيها الاخوه ... كان وما زال بينى و بين نهر الكثير فالاجساد تفنى و لكن الارواح خالدة تبقى لتتلاقى على الحب ... ويملأنى يقين داخلى أجهل مصدره بأنها تطالبنى قائله:
يا أبى إن الله يريد بك شيئا من أجلنا فقم به وأتمه قبل أن القاك قريبا حسب مشيئته ... فحكمته خافيه حقا ... و لكن هناك علاماته و أماراته و إشاراته منظوره لكل من حافظ على قلبه نقيا ليصبح قريبا منه ... والى أن يفنى فيه أخيرا.
ايها الاخوه ...وأنا اليوم امامكم وهى تسمعنا و ترانا الآن أقول لها ...يا نهر الحب يا ابنتى يا حبة قلبى ونور عينى نهرالعطاء هأنذا الآن أفعل يا حبيبتى...ولن اطيل عليكم و سأسجل كل هذا وفى مذكرات أكتبها وكنت أنت الوحيده يا نهر الخير التى تضطلع على أجزاء منها وآمل أن تنشر بنهاية هذا العام ومع إنتقال هذا المعرض الى القاهرة فى ذكراهم السنوية القادمه بالتزامن مع إصدار الاحكام فى القضية و أتمنى ان يكون لكل هذا بعض الفائدة

أما الآن فأرجوكم مرة أخرى أن نجعلها مناسبة للحب و الامل و العمل ... فكما أن الشجاعة فى تعريفها هى ( استكمال المهمة رغم الخوف الطبيعى) فأن الشجاعة والايمان أيضا أن نتمسك بالامل الباقى رغم الاحزان حتى لو كان لا مهرب منها ويحضرنى هنا معنى الحديث الشريف بأنه (لو قامت القيامة وكان بيد احدكم فسيله فليغرسها)... و لن أنسى أبدا و لن يمحى من ذاكرتى مهما حييت... ذلك اليوم فى الرابع و العشرين من ديسمبر الماضى الذى مر وكأنه يوم القيامة بالنسبة لى ... وفى تلك اللحظة نفسها قررت أن أغرس كل ما بيدى من فسائل وأن أعمل من اجل تكريم ذكرى هؤلاء الشهداء ... زوجتى الحبيبة و رفيقة عمرى السيدة العظيمة منى و إبنتى نهر وندى كمثل يضرب للآخرين من خلال بعض الاجراءات العملية والانجازات المتواضعة ...ومنها إقامة موقع خاص بهم كمدونة على شبكة الانترنت ...وقصدت به أن يكون منبرا للأحباب و لكل الناس للتعبير عن الحب واكتشاف المواهب والجوانب المضيئة فى حياتنا و أن تكون شمعة صغيرة نوقدها جميعا فى مواجهة الظلام بدلا من الاكتفاء السلبى فقط بأن نلعنه ...ومن خلالها أتابع رصد كل تطورات التحقيقات و مقابلة المسئولين على أعلى المستويات فى مكتب النائب العام بالقاهرة حتى تم أخيرا إنعقاد اولى جلسات المحاكمة للمتهمين يوم السبت الماضى 21/6 ومن العلامات التى لا يخطئها قلبى والتى جاءت بترتيب من الله و مشيئته أن يتم هذا فى نفس الاسبوع بالتزامن مع إقامة هذا المعرض اليوم فى 26-6 و ذلك حتى ينال المتسببين عن هذه المأساه عقابهم على يد قضاءنا العادل الذى اثق فى نزاهته ...وليست هذه رغبه منى فى الانتقام أو التشفى فلن يعوضنى شيئ عن مصابى إلا رضى الله عنى و لكن فقط حتى يكونوا عبره لغيرهم و كى لا تتكرر هذه المأساه للاخرين و حتى يكون لدم الشهداء ثمن ولكم فى القصاص حياه يا ألو الالباب

ايها الاخوه ... اليوم و نحن هنا فى مناسبة تكريم ذكراهم من خلال استعراض اعمال الفنانة الشهيدة نهر فى هذا المعرض و كأنها عروس الاسكندرية العذراء التى زفت الى السماء ...أعلن الأن باننا سوف نغرس جميعا فسيله جديدة بناءة ... أدعوكم للاشتراك معى فى رعايتها و نموها مع الايام فى مجال عمل الخير للجميع كما كانت رغبتهم ورغبة نهر قبل الرحيل ...وسوف يعلن عن تفاصيل ذلك الدكتور محمود رشدى بعد قليل وتتمثل فى إنشاء جمعية خيرية لشهداء لوران بإسم (منى نهر الندى من أجل مسكن آمن للجميع).

وأختم كلمتى بعبارة أحببتها من كل قلبى للسيد المسيح عليه السلام وهى:
(لا يقدر أحدكم أن يخدم سيدين فى وقت واحد...لا يقدر احدكم أن يخدم الله والمال فى وقت واحد)
وأيضا عبارة أخرى هى جوهر فلسفتى فى الحياه وهى :
(ماذا يفيد الانسان لو كسب العالم وخسر نفسه)

ايها الاخوه هذه دعوه للحب و للايمان الصادق الصحيح و دعوه لأن نكسب أنفسنا ...وألا نخسر هذا العالم أيضا ...وأن ندفع ثمن ذلك بشجاعة والسلام عليكم .
اسامة البحر
26-6-2008

No comments: