الكلمة التى القاها المهندس/اسامة البحر امام جمهور الحاضرين بمقر مركز الجيزويت الثقافى بالفجالة- مساء الاربعاء 26/10/2011 فى الحفل الذى اقيم تكريما لروح شهيد الثورة الشاب /مينا دانيال بماسبيرو فى 9/10/2011 رحمة الله وتكريما لارواح كل شهداء الوطن.....

Friday 22 January 2010

الحى الشهيد للكاتبة سهى ذكى

الصديق المحترم والاخ والاب الملائكى أسامة البحرمرفق لك المقال المنشور فى اخبار الادب بعنوان الحى الشهيد وصورة من النبؤة القديمة ابنتك وصديقتك وتلميذتك فى الحياة

سهى زكى


الحى الشهيد
اسامة البحر

تنام هادئا مطمئنا على ثقة فى أنك ستستيقظ فى الصباح لتجلس على مائدة الافطار مع أولادك وببساطتة بلا أى أستئذان او مراعاة لوجودك وشيبتك ومراعاة أنك المسئول عن اولادك وزوجتك يفاجئك ملاك لا يميل للاستذان ولا يفضل ان تضايفه ، فربما رق قلبه لحال من أتى لأخذهم فيتقاعس عن المهمة ولكنه بكل قسوة اعتادها منذ خلقت الارض يأخذ منك كل عائلتك ويرحل بهدوء تاركا لك حيرة وآلم لا يقهرهم الحزن بكل دموعه وآهاته … ألخ
تساؤلات تثير الجنون ، لماذا ؟
كيف ؟
ماذا فعلوا ؟
أبنتين فى جمال الآلهة الأغريقية التى أمتلئت الاسكندرية بتماثيلها فجاءا البنتين كأنهما منحتوتان من المرمر الأصلى وقد صبغت عليهما الاسكندرية جمالها وسحرها وأم بملائكيتها احتضنتهم وقررت آلا تبتعد عنهم وكما عاشا سويا لابد ان يذهبا مع هذا الملاك القاسى الذى لم يمهلم لينتظرا ذلك الرجل الذى ذهب لاحضار الافطار
- أرجوك بالتأكيد سنأتى معك لا مفر ولكن دعنا ننتظر ابانا قليلا
- لا لا مجال للانتظار انه موعد مكتوب ولا جدال ان الدقة هنا هى اساس اللعبة
- ولكنه سيحزن ويمرض وربما يحدث له مكروه جراء حزننا عليه، والا توجد طريقة أفضل من وقوع العمارة فوق رؤؤسنا ، طريقة اهون واحن
- ههههه ، بالتأكيد انتم الثلاثة تمزحون معى
- ان هذه هى الطريقة الاسهل دائما لى حيث أتى لأمارس مهمتى دون معاناة ، فالكل يكون على استعداد كامل لاستقبالى ، فلا سيارات اسعاف سريعة ولا فرق انقاذ عظيمة ولا اى عائق مما قد الاقية فى ميتات اخرى
- هيا حانت اللحظة
دخل عليهم كموجة دخانية لفتهم مرة واحدة حيث كان اصراره بعدما ترغرغت عينيه بدمعة باهتة أن تطلع الروح لثلاثتهم مرة واحدة وكان حضنا ابديا بينهما لم ولن يفكهم ابدا واتم مهمته ورحل وهو ينظر من بعيد على لوعة الأب الذى عاد لاهثا بحقيبة الافطار لبناته الذى تركهم منذ أقل من نصف ساعة يشاهد دهشته وصمته وتحديقه فى الفراغ وهو لا يفهم اى شىء فقط يسأل ماذا حدث ، ماذا حدث ؟ ولا اجابة تفيد
فقط كل ما وصله ان زوجته وابنتيه سبقاه الى الجنة ، صعدا سويا بلا قلقماذا نفعل نحن أمام حزن ذلك الرجل بشعره الابيض وملامحه الذى صبغ عليها الزمن علاماته ليس باستطاعتنا شىء فنحن عجزة عجزة حقا فهل سنذهب لنقاتل صاحبة العمارة التى استدعت الموت ؟!
أم سنقاضى الحكومة التى شجعت كل مسئولى الفساد على بنائها واستغلال البشر الغلابة حتى سحلهم وقتلهم ؟!
هل نكشف روؤسنا مولولين نشيل الطين ونقول(حسبى الله ونعم الوكيل )
ليس بيدنا شىء ، هو فقط استطاع ان يفعل ، استطاع ان يقف بثبات وجمود وصلابة يحسد عليها ، وهو يردد ببراعة انه سيأخذ حق أبنتيه وزوجته وكل سكان العمارة الصاعدون هناك ، بداية من مقاضاة المسئولين مهما ان كانت مراكزهم ومرورا بوعد بتخليد اسم الشهيدات الثلاث ، فقد سبق ووعد بأنه سينشىء مدونة بأسم وسيقوم بعمل معرض للفنانة الشهيدة ( نهر) وسيؤلف كتابا هاما بخصوص الشهيدات ، وبالفعل نفذ وانشأ بالفعل مدونة الشهيدات (نهر وندى ومنى ) واصل النشاط الاجتماعى والانسانى الذى يقوم به من خلال أدارته لصالون الاديب الدكتور / علاء الأسوانى الأنسان العظيم / أسامة البحر والد نهر وندى وزوج منى الصاعدون الى هناك
رجلا أعطانى درسا فى إحتمال الفقد ، أياك ان تحزن لفقد حبيب أو صديق أو وظيفة أو أى أن كان ما فقدت فلا يمكن أن تفقد أكثر مما فقد ذلك الرجل !لقد فقد كل ما له فى الدنيا دم ولحم ومال ، وبقى وحيدا وكأنه لم يعيش أحلاما لهم وكأنه لم يسافر الغربه لهم وكأنه لم يسعى بدأب لتأمين مستقبلهم ذلك الذى أتجه وجهة أخرى ، فقد لن يضاهيه فقد على ما أظن ، ان تفقد كل الماضى فى لحظة حاضرة مرعبة ، ثم تقف وتقرر ان تصنع مستقبلا لهم رغما عن كل القتلة المأجورين ، لم يكتفى ابدا ذلك الرجل الوحيد بأن يرتكن فى غرفة مظلمة ليبكى غياب حبيباته إنما حول الحزن لطاقة نور وحب لكل شىء يلمسه بيده ، لن أكف ابدا عن الاعجاب بهذا الرجل العملاق ، العظيم الذى يكافح باستماتة لتخليد بناته وزوجته معه حتى يلقاهم فى مكانهم ، واستكمالا لجهوده الذى لن تقف ابدا ، اقام اكثر من معرض للوحات ابنته الفنانة الشابة "نهر" ، كان الحضور فى كل المناسبات الذى اعدها اسامة البحر لبناته بمثابة تظاهرة فنية وانسانية ، ولم تهب جمعيات حقوق الانسان وغير الانسان لتساند ذلك الرجل مثلما حدث فى الحادثة الأسوأ في 2006 غرق العبارة المصرية "السلام98" في مياه البحرالأحمر التي راح ضحيتها أكثر من 1000 شخص، حيث كانت في رحلتها من ميناء ضبا السعودية إلى ميناء سفاجا المصري حيث تم اعتبار العبارة "خردة" لا تصلح لنقل بشر وقطارات الموت المتتالية بلا توقف! وأطفال الشوارع اللذين وقعوا تحت قبضة عصابة "التوربيني" الذي تلذذ بخطف40 طفلا وإغتصابهم وقتلهم من فوق القطار وهو يسير, ثم يلقي بالجثث في الطريق ، كما تم تجاهل الكارثة الحقيقية التى تنبىء بخطر أرهابى حقيقى ولم نعرف حتى الان ما آل اليه من قاموا بها عندما استعرض مجموعة من طلاب جامعة الأزهرفي ساحة الجامعة عروض عسكرية وهم ملثمون وأطلقت عليهم الجهات الامنية ميليشيات عسكرية وانتهي الأمر بحبس 180 طالب ممن قاموا بتلك العروض ولا ندرى هل عرف الأمن من وراء ما قاموا به هؤلاء الشباب ام ان الامر وقف عند سجن شباب غرر بعقلهم وروحهم المطحونة فى بلد تفسخت بين المايوه والنقاب، وهكذا تستمر الكوارث بلا رادع حقيقى ولا ننسى ضحايا الهجرة الهاربون من الفقر والخوف ، الباحثون عن مستقبل مظلم تماما ولسان حالهم يقول ان " الموت أهون من العيشة الذل" وجمعيات حقوق لاأعرف ما المجهود الحقيقى الذى تبذله بخلاف الفرقعات الاعلامية والتظاهرات المستمرة فهى فى نهاية الامر لا تأتى بحقوق الضحايا المنكوبين الا جمعيتين او ثلاثة على الاكثر من مجموع اكثر من 50 جمعية لحقوق الانسان فى مصر وكأن من رحلوا لم يكونوا اصلا ، وهكذا الحال مثل كل الاحوال يومين صخب حول الكارثة ثم يهدأ الصخب ويعود كل لمكانه وكأن الاهمال قدر ونصيب ولكن أسامة البحر وحده وبمساعدة الاصدقاء المقربين المتحمسين بشدة لطاقته الايجابية لاستمرار الحياة بحبه لعائلته يفعل كل ما فى وسعه وكأنه يعيش معهم هو ذلك الحى الشهيد الذى يواصل اتصاله بهم بطريقته بما ان الله اختار له النجاة والبقاء حيا بعيدا عنهم ، فلا مفر من أن يبذل قصارى جهده لاسعادهم ، وكما اكلت سنوات الغربة عمره لاجلهم ، سيستمر فى وطنه بحثا عن حقهم ايضا ، نهر وندى فى انتظار اباهم وزوجته الجميلة تعرف ما يقوم به الزوج ولا تتعجل ملاقاته كى يطمئن البنتان وتبثهم الامل والصبر حتى يتلاقوا جميعهم فى جنة الحب وحتى يلقاهم ، يمجاهد "اسامة البحر " الذى تعدى الستين فى ان يجمع لوحات ابنته من هنا ومن هناك ويذهب بها لصانع البراويز ، ويذهب بها الى مكان العرض ويشرف على طريقة عرضها ومتابعة كل كبيرة وصغيرة حتى تم تحديد ويشارك فى تصوير فيلم تسجيلى عن مأساة العمارة المنكوبة ولا يكل من التفكير فى كل ما هو يرضى اسرته واسر كل الناس الذين تعذبوا لفقدان زوويهم بالغدر من يد الاهمال والعهر المقنع الموجود فى دهاليز المصالح الحكومية المسئولة عن أرواح البشر.

No comments: