الكلمة التى القاها المهندس/اسامة البحر امام جمهور الحاضرين بمقر مركز الجيزويت الثقافى بالفجالة- مساء الاربعاء 26/10/2011 فى الحفل الذى اقيم تكريما لروح شهيد الثورة الشاب /مينا دانيال بماسبيرو فى 9/10/2011 رحمة الله وتكريما لارواح كل شهداء الوطن.....

Thursday 31 December 2009

وكتب الناقد الكبير الاستاذ/ محمود مكى عن رواية د.حياء الكاشف

وقرا الناقد الجميل والصديق العزيز الاستاذ/محمود محمد مكى روايتى
(د.حياء الكاشف...زيارة اخيرة للوطن)...وبعد شكرى الجزيل لة من كل قلبى وان كنت اشك فى ان اكون مستحقا لكرمة البالغ فى نقدة الجاد والرصين للرواية ولكن هذا هو شان الناقد عندما يكون مبدعا..حيث تكاد تكون كلماتة تبدو و كانها نوع من المشكاة التى يضيى نورها جوانب العمل...ليظهر ملامح الجمال والحيوية فية ان وجدت ويغوص فى عمقة بقلب محب...وعقل متفتح مثقف وهذا هو الاستاذ/محمود كما عودنا.. وهذة هى شخصيتة التى تاسرك بعلمها وادبها الجم ....شكرا لك يا صديقى العزيز من كل قلبى وهنيئا للادب بك ناقدا مبدعا...وهاديا لة على الطريق
اسامة البحر
"د.حياء الكاشف.....زيارة اخيرة للوطن" ملامح وجودية معذبة
بقلم
محمود محمد مكى
تتناول رواية "د. حياء الكاشف....زيارة اخيرة للوطن " - للكاتب اسامة البحر - حياة البطلين أدهم المصرى الاستاذ الجامعى المبرز فى تخصصه فى كلية العلوم الذى ترك الجامعة ليعمل خارجها لان وسطها اصبح لا يلائم روحه الشفافة ويعمل فى شركة كبيرة وعلاقته مع محبوبته د/ حياء الكاشف التى كانت تلميذته عندما كان معيدا فى كلية العلوم وسافرت الى امريكا لانجاز اطروحتها للدكتوراة وحيث عملت هناك. وتعود فى زيارات الى القاهرة من ان لأخر . من خلال علاقة أدهم و حياء نكتشف ما اصاب الانسان المصرى فى الاربعين عاما الاخيرة من تدمير على المستوى الثقافى والحياتى وكأنها حرب ضده تمارس من قبل نظام فاسد. ومع ان الرواية تعتمد فى جزء من بنائها على تكنيك خاص هو المسمى epistolary وهو مصطلح مأخوذ من الكلمة اللاتينيةepistola التى تعنى خطابا مكتوبا او ماهو مرتبط به للكشف عن دواخل نفسية البطلين من خلال عرض هذه الخطابات والمذكرات والاميلات بين ادهم المصرى وحياء الكاشف الذين تربطهما هذه العلاقة الحميمية ببعضهما, وقد اتبعت الرواية هذه الحيلة الفنية فى بنائها فى اجزاء كثيرة ففى حديث البطل عن عبد الناصر والافتتان به كان مبررا جدا من الناحية الفنية لان حياء الكاشف تقرأ ماكتبه حبيبها أدهم عن ايام عبد الناصر وهو الذى شارك فى الدفاع عن تراب مصر عندما جند بعد 1967واثناء حرب الاستنزاف. وكذلك من خلال قراءتة فى كتاب يتحدث عن شهاب الفنان النوبى وكيف أورد قصيدة رائعة تحدث فيها أدهم عن الحب والوجود. وعلاوة على ذلك فان الكاتب يذكربعض الاسماء الحقيقية من المشهد المصرى. كما نرى روح جمال حمدان عندما يتحدث المؤلف عن مكان مصر ومكانتها.
لم يكن اختيار اسم البطلين الوجوديين صدفة وانما كان مقصودا. فالرواية تعالج ازمة وجودية حقيقية يعيشها الانسان المعاصرعموما, والمصرى خاصة . صحيح ان بطلي الرواية من الطبقة المتميزة علميا فهما استاذان فى الجامعة لكن تلمس مع السرد قضايا الانسان عامة والمصرى العادى المسحوق من كل التيارات الحكومية التى تحتقره وتذله ومن يرون فيه مجالا لاستعراض قواهم من التيارات المختلفة. من العنوان يتضح ان المؤلف يجسد فى شخصية حياء كل مراحل وقضايا المجتمع الحياتية التى تهم الانسان العادى والوجودية التى تجعل المثقف الحقيقى معذبا. من خلال الحديث عن قصة الحب الفرعية التى تمثل اللقاء المكرر والمتوتر احيانا بين الشرق والغرب المتجسد فى الرواية فى علاقة الفتاة الفرنسية العاشقة لمصر والشاب المصرى مينا, من خلال ذلك نعرف ان أدهم ماهو الا تجسيد لأدم الأول حيث ان مارسيل لم تستطع نطق حرف الهاء فى ادهم فتحوله الى ادم وكذلك كانت تناديه حبيبته حياء. ونرى ذلك فى مشهد ملىء بالجمال لغة وتصويرا همسا ولمسا تلميحا وتصريحا وهو مشهد نرى فيه حياء وحبيبها أدهم يمارسان الحب بعدما احضرت له حياء تفاحة لتقتسمها معه وكانهما عادا بالبشرية الى سيرتها الاولى وفطرتها البدائية قبل ان تلوث الأوامر التى تدخلت من بنى البشر فى مسيرة الحياة وكانهما آدم وحواء يبدآ من جديد .
العناصر الوجودية تحيط بك فى كل سطر فى الرواية مع انها تتحدث ايضا عن الانسان العادى وقضاياه وتمزج بين الخاص والعام . تلخص حياء لأدهم نظرتها الوجودية عندما تقول له (ان مشكلتى ليست فى سعادتى انا ولكن فى تعاسة الاخرين وبؤس هذا العالم الذى لانهاية لة (ص 140). و يكاد يتجسد الملمح الوجودى فى الرواية فى المزاوجة بين الحياة والموت فى أحرف الرواية وسطورها ويرتسم جليا بين سطورها فحياء تقول لأدهم فى ساعة صفو وهى تعرف الحب تعريفا وجوديا وان كان خاصا بها "الحب هو قليل من الموت من اجل مزيد من الحياة " (ص 96). وفيما قالته مارسيل لمينا عن جمال المصريات " عيونهن فيها من سحر الموت اكثر مما فيها من سحر الحياة او الحب او حتى الرغبة " ( ص 78).
و الوجودية هى مذهب فلسفي أدبي ينكر وجود الاله، وهو أشهر مذاهب القرن العشرين فى الفلسفة والأدب. وبلغت الوجودية المدى فى انكار ما وراء الطبيعية فيروى عن سارتر انه قال ان الاله خرافة ضارة وهو عكس ماقاله مفكر وجودى اخر عام 1889 الذى اسس ما يسمى بالوجودية المسيحية وهو جبرييل مارسيل قال ان الاله خرافة نافعة. الا ان الوجودية فى رواية د.حياء الكاشف آمنت على يدى اسامة البحر, وهو نفس التعبير الذى استخدمه عميد الادب العربى لوصف رواية"السد" الفريدة للعبقرى التونسى محمود المسعدى.
وبما ان الوجود الإنساني هو الحقيقة اليقينية الوحيدة عند الوجوديين، حيث لا يوجد شيء سابق عليها، ولا بعدها, فالإنسان يصنع ذاته بإرادته ويحدد مستقبله و يختار قيمه التي تنظم حياته. واكاد المح ظلال سارترالفليسوف الوجودى الفرنسى وعلاقته بصديقتة سيمون دى بوفوارالروائية الفرنسية فى علاقة أدهم المصرى مع حبيبته حياء الكاشف فكلاهما يختار طريقة حياته التى تناسبه مثلما فعل الأوليان واقعا معاشا. وفى استدعاء الكاتب لشخصية سنتياجو بطل "العجوز والبحر" رواية ارنست هيمنجواى الرائعة لوصف تحطيم حلم ناصر الوطنى لانه ذهب بعيدا الى حدود الخطرثم تعداة الى المجهول. أوشخصية عمر فى رواية "الشحاذ" الذى يصرخ بان العلم ازاح الفن عن طريقة فمن خلال بطلى الرواية الوجوديين أدهم وحياء (او الشخصيات الأخرى المساعدة والمهمة فى بناء الرواية والكشف عن كوامن البطلين: مينا الصعيدى النحات فى الاقصر والفتاة الفرنسية عاشقة مصر الفرعونية مارسيل وشهاب المثال النوبى الجذور وصباح التى عشقها صغيرة وكانت ملهمته فى فنه كبيرة) من خلال ذلك مس الكاتب قضايا المجتمع المصرى الكبرى مسا لا افراط فيه ولا تفريط. فمن القضايا التى عالجها الكاتب فى روايته فى ثوب وجودى والبسها كساء عقلانيا مفلسفا حرية الانسان ومبدأ المساوة. فاولى هذه القضايا هى مسالة الحريه والديمقراطية والمساواة فى مجتمع بدأ فى الأربعين عاما الاخيرة ينقلب على ماحققه الاجداد والأباء من تقدم فى هذه الجوانب وكأننا نرجع للخلف ولا نتقدم للامام. تناولت الرواية فكرة الحرية والمساواة فى علاقة شخصية حياء مع ادهم المصرى: فكرة الحرية الشخصية والحرية المجتمعية فعلى المستوى الشخصى كانت حياء انسانة سوية منفتحة على كل التيارات الفكرية فهى تدين اعدام سيد قطب المفكر والكاتب الاسلامى وترى ان ذلك كان جريمة كما ترى ان موت شهدى عطية الناشط اليسارى الوطنى تحت سياط التعذيب كان خطيئة كبرى, ومع ذلك فهى تعيش حياتها بطريقتها هى كما تراها وتقتنع بها. وعلى المستوى المجتمعى حققت حياء ذاتها فى مجال تخصصها وتجاوزت قضايا ما زلنا نتباحث فيها مثل حق المراة فى ان تشغل منصب معين ومنها تعيينها قاضية فى مجلس الدولة.
ومن خلال شهاب الفنان النوبى المصرى الاصيل يمس الكاتب جرح اهل النوبة ومرارة التهجير بسبب السد العالى وان كانت الغاية منه كبرى والحلم عظيم . فحلل وناقش وقدم شخصية مقنعة فنيا ومصرية اصيلة تدافع عن الحلم فى بناء السد على المستوى الوطنى رغم احساسها بمرارة مكتومة على المستوى الشخصى.فتتسامى بنبل على هذا الاحساس والكاتب من خلال شخصية مينا الشاب القبطى المسيحى الذى وقع فى غرام مارسيل الفرنسية لم يقدم لا مشكلة قبطية ولا ملفا طائفيا ولكن قدم مواطنا مصريا بسيطا هو مينا حتى اننا لم نسمع منه اى حرف او كلمة انه يعانى من مشكلة فى علاقته مع الاقباط المسلمين, واكاد اقول انها المرة الاولى التى اقرأ فيها عن شخصية قبطية مسيحية بلا عقد فى علاقتها مع الاخر الذى هو القبطى المسلم لانها كانت شخصية مصرية سوية.
وفيما يمس الاسلام فقد كان حاضرا مع اننا وصفنا الروايه بانها وجودية مؤمنة فحياء الكاشف تفسر اسمها لأدهم تفسيرا ايمانيا كشفيا وكيف ان والدها اختار لها هذا الاسم. تقول حياء لأدهم وهى تلمح الى الواقع المرير الذى تحول الى حصر الدين فى ممارسات العبادة فقط, وتصف حياء الكاشف هذه الطريقة بأنها القراءة الاسلامية للاسلام .
ويظل الكتاب محافظا على عنصر التشويق حتى اخر سطر فى الروايه واستخدم فى ذلك عدة وسائل لتحقيق ذلك الغرض ومنها ان الشخصيات تظل تتطور متصاعدة من صفحة الى اخرى حتى اننا نكتشف جوانبا وابعادا لم تكن معلومة لنا. وكذلك يحافظ الكاتب على عنصر التشويق البديع الذى رسمه لنفسه منذ البداية فمع ان الرواية تتكون من خمسة عشر فصلا الا ان هذه الفصول متراتبة متصاعدة بانتظام وايقاع محكم فحياء تتحدث عن ثلاث قضايا مع حبيبها ادهم المصرى وهى عن العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة وسعادة وشقاء الانسان وعن عمر الانسان وكلها تتناثر على صفحات الرواية من اول فصل حتى اخر سطر فيها, ويتم تناولها مرات اجمالا واخرى تفصيلا مرتكزة على البعد الوجودى ذى الخلفية الدينية. ويبلغ عنصر التشويق ذروته وتصل المأساة الوجودية غايتها لحظة معرفتنا بالاسم الكامل للبطلين وهما حياء عبد الحميد شتا الكاشف وادهم سليمان خاطر المصرى. فبطلا الرواية وهما انتحرا او نحرا تماما مثل عبد الحميد شتا الذى نحروه يوم قالوا عنه انه غير لائق اجتماعيا للعمل فى السلك الدبلوماسى و سليمان خاطرالذى نحروة فى السجن بعد ان اطلق النار على الصهاينة الذى دنسواالعلم المصرى .
والرواية فى توجهها الوجودى ترسم صورة قاتمة لمصر الحاضر للأسف ولانه الواقع فعلا.
بقيت ملاحظة على الهامش وهى مع ان قصة فيرينا التى تروى الاسطورة انها هى القديسة المسيحية المصرية التى شاركت فيما يسمى بالكتيبةالطيبية وهى كتيبة مصرية كانت فى جيش الامبراطورية الرومانية وكانت تقاتل فى بلاد الغال ( فرنسا وسويسرا) فى اوائل القرن الثالث الميلادى ويقال انها رفضت عبادة الاوثان لانها كانت تدين بالمسيحية فامرالامبراطور بابادتها عن اخرها وكان تعدادها 6600 جندى ولم يبق منهم سوى فيرينا الفتاه الصعيدية التى ساحت فى اوروبا تبشر بالمسيحية وتعلمهم مبادىء النظافة الشخصيه, هذه مجمل قصة فيرينا, ومع ان الكاتب- اسامة البحر- استخدمها استخداما موفقا وبديعا . ولكن مادام المؤلف قد اشار الى ان قصة فيرينا حقيقة تاريخية فمن حقنا ان نقف لنرى الامر من وجهة نظر التاريخ. يقول عنها ديفيد ودز وهو اكادييمى متخصص فى الكلايسيكيات فى جامعة كورك فى ايرلندا - فى مقالة له بعنوان " اسطورة موريس والكتيبة الطيبية", انها قصة لا دليل على وجودها تاريخيا. وقد نشر هذه الدراسة التى فصل فيها الادلة التى تدحض قصة فيرينا وتثبت انها محض اسطورة لا اساس لها من التاريخ الحقيقى فى " مجلة التاريخ الكنسى" عام 1994.
محمود محمد مكى
باحث دكتوراه فى الأدب الإنجليزى
ناقد أدبى ومترجم
mohmoudm@yahoo.com

1 comment:

Anonymous said...

الاستاذ الفاضل / محمود مكى

أعجبنى كثيرا نمط التحليل الادبى الاكاديمى للرواية الذى تتبعه وتقصى الكحور الوجودى الذى عاش به الابطال

الا اننى هنا وبالبحث وجدت معلومة قد تضيف شيئا .. واعتذر عن كونها بالانجليزية لانى لم اجد ترجمة لها فى ويكيبيديا .. وهى تخص القديسة فيرينا .. أذكرها كما هى

Return of Part of relics to Egypt:

In 1986, a delegation from Saint Verena’s Church in Switzerland, brought to Egypt a part of Saint Verena’s relics.
The first Coptic church consecrated in the name of Saint Verena is Saint Maurice and Saint Verena’s Church in Cairo, which was consecrated by HH Pope Shenouda III on February 22, 1994.
In October 2004, a delegation from Saint Verena's (Saint Mary & Saint Verena's) Coptic Church in Anaheim, California in the United States of America, along with His Grace Bishop Serapion of Los Angeles and Fr. Joseph Boules, traveled to Switzerland to bring a part of Saint Verena's relics to Anaheim. Her church in Anaheim now has a museum dedicated to her relics and artifacts.

ولا اعتقد ان كل تلك المتعلقات التى عاد بعضها الى مصير .. وذهب الآخر الى الولايات المتحدة الا انه تأكيد على حقيقة تلك الشخصية .. فالاساطير لا ادلة مادية خلفها .. ولا يمكن ان تكون ورائها كل هذه المحاولات سعيا وراء وهم .. ام ما رأيك؟

تقبل وافر احترامى

شيرين الكردى