الكلمة التى القاها المهندس/اسامة البحر امام جمهور الحاضرين بمقر مركز الجيزويت الثقافى بالفجالة- مساء الاربعاء 26/10/2011 فى الحفل الذى اقيم تكريما لروح شهيد الثورة الشاب /مينا دانيال بماسبيرو فى 9/10/2011 رحمة الله وتكريما لارواح كل شهداء الوطن.....

Wednesday, 27 February 2008

أسامه البحر: الفساد قتل أسرتي


حوار محمد عبد الدايم

ظل الكاتب والجيولوجي أسامة محمد البحر منتظراً لأيام علي أمل أن تتحول فنتازيا "الكابوس المرعب" في لوران إلي حلم فقد وقف الرجل فوق أنقاض العمارة المنهارة يتحسس أنفاس أسرته لعل وعسي أن يسمع لهم همساً لكن إرادة الله كانت تسير في اتجاه آخر عما كان يحلم به أسامة البحر الذي فقد أسرته كاملة وانتهي حلم عمره الجميل برحيل زوجته المهندسة مني محمد السيد، وابنته الفنانة الجميلة (نهر) وشقيقتها (ندي) طالبة الحقوق. خرجت جثامين أسرة أسامة كما جاءت للحياة ـ علي حد قوله ـ في البداية خرجت جثة زوجته وبعدها بقليل خرجت جثة (نهر) ثم جثمان ندي خطيبة (أحمد أحمد عبدالرازق). أفاق أسامة البحر في ذلك اليوم علي كارثة من العيار الثقيل، أجهزت علي أحلامه قبل أن يغادر الإسكندرية حاملاً ألبوم الصور والقطة الشيرازي التي كانت هي الناجي الوحيد من الحادث، ليعود بهما إلي شقته في القاهرة في بداية رحلة جديدة مع الآلام والذكريات.
سألته وأنا أعلم مدي ما أصابه من جروح وآلام عن السبب الرئيسي في تلك الكارثة؟
قال بنبرة حزينة إن الخلل الحادث في مصر الآن هو السبب الرئيسي فيما حدث وفيما سيحدث فمنظومة الفساد المستشري والمتوحش هما السبب في كل الكوارث وإن كانت حادثة عمارة "لوران" التي فقدت فيها كل أسرتي مؤشراً واضحاً علي خلل المنظومة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر، فالجميع في التيه لأننا باختصار شديد نعيش في غابة ولا نري منها سوي شجرة عملاقة فاسدة تحجب الرؤية في كل أمراض الغابة.
أراك تبعد عن أصل الموضوع وتشخص الوضع القائم في مصر حالياً؟
أجابني.. نعم أنا محتقن فاسمح لي أن أشخص وأقول ما بداخلي عن المرض والعرض في حياة المصريين، فالمرض هو الاستبداد والعرض هو الفساد، أو بمعني آخر هو كل تفاصيل الحياة، فربما تضللنا التفاصيل فنتوه عن المرض الأصلي، وللحقيقة إن هذا الكلام للصديق الدكتور علاء الأسواني عودة لأصل الموضوع الذي تتحمل نتيجته صاحبة العقار هي التي تتحمل الجزء الأكبر في الكارثة فهي جشعة فقد مارست نفوذها بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية حتي حرمتنا من أبسط حقوقنا كسكان قررنا أن نعيش في شقق الإسكان الفاخر بعد أن دفعنا كل عصارة عملنا في الخارج، هذه السيدة خالفت كل بنود التعاقد عندما حولت جراجات العمارة إلي محال تجارية، وتحايلت علي القانون بعد أن اشترت الطابق الأول، وقامت بهدم أعمدته دون استشارة بقية الملاك وفي غيبة الإدارة الهندسية بالحي، وها نحن نجني ثمار ما فعلته تلك السيدة المتوحشة.
وهل سبق أن قمتم بعمل دراسات تضمن سلامة العقار؟
نعم.. منذ سنوات دفعنا 21 ألف جنيه للجنة من كلية الهندسة جامعة الإسكندرية نظير إعداد تقرير للوقوف علي مدي سلامة العقار، وكانت النتيجة أنها سليمة وتحتاج إلي ترميمات وهو ما أكده أيضاً تقرير صادر من الحي، علي الفور جمعنا مبلغ آخر يقدر بـ31 ألف جنيه وعملنا قمصاناً خرسانية لعدد 31 عموداً من أجل زيادة التأكيد علي سلامة العيش في العقار.
إذن.. ما المشكلة وما سببها؟
المشكلة كانت في الطابق الأول الذي لم نستطع الوقوف علي حالته بسبب سفر صاحبه، ازدادت هذه المأساة وتعاظمت عندما اشترت صاحبة العقار هذا الطابق حيث استقدمت مقاولين ودون الرجوع لأي أحد من
السكان بدأت في تكسير أعمدة الطابق الأول من أجل توسعة الشقة، وهو الأمر الذي أحس به السكان واعترضوا عليه حتي أن أحد الجيران في العقار المقابل لنا قام بطرد العمال، لكنهم عادوا من جديد وبدأوا في عملية التكسير التي انتهت بهذه الكارثة، نسيت أن أقول إن صاحبة العمارة تمتلك عدة عمارات في أرقي أحياء الإسكندرية، لكنها تعيش خارج البلاد وبالتحديد في دولة الكويت.. الغريب في الأمر أن هذه السيدة عليها عدة أحكام وتأتي إلي مصر متخفية من أجل التهرب من هذه الأحكام، وهو ما يطرح علامات استفهام كثيرة.. لماذا يكون الشخص مطلوباً أمنياً ولا يتم القبض عليه؟!
أنت إذن تلقي باللائمة علي صاحبة العقار؟
صاحبة العقار تتحمل 09% من الحادث، والجزء الباقي يتحمله المسئولون حيث تركوها هي وغيرها تتوحش في الإسكندرية دونما رقيب أو حسيب.
أغلب ما يحدث من انهيارات في مصر يكون للإسكندرية النصيب الأكبر منها.. بما تفسر ذلك؟
أولاً الإهمال الشديد في هذه المدينة وحجم الفساد بالمحليات خاصة جهاز الإدارة الهندسية، ويشاع أيضاً أنه عام 28 دخلت مدينة الإسكندرية شحنة كبيرة من الأسمنت الفاسد لصالح أحد أصحاب النفوذ ووزع هذا الأسمنت علي عدد كبير من المقاولين الذين نفذوا كماً كبيراً من المباني من 28 وحتي 58.. في النهاية أقول إن الحادث سببه الإهمال والتسيب الشديد.
وهل تعتقد أن الكارثة في ظل وجود 03 ألف عقار مخالف في الإسكندرية مستمرة ومتوقع حدوثها؟
نعم وهذه الكارثة المتكررة والمتوقع حدوثها مستمرة وأتمني ألا تحدث فالوضع في الإسكندرية خطير وينذر بكارثة إذا لم تتحرك الأجهزة وتضع يدها علي الخلل الحقيقي.
من الذي أبلغك بنبأ سقوط العمارة، وكيف استقبلت الحدث؟
الذي أبلغني أحد الأصدقاء، وكانت الساعة الحادية عشرة صباحاً علي الفور توجهت إلي الإسكندرية بعدما كلف الأستاذ طلعت سليمان والحاج يوسف محمد أحد الزملاء ليرافقني بسيارة الشركة، وفور وصولي وجدت ما لا عين رأت وكان المشهد الكارثة، فأنا لم أتصور أن ذلك سيحدث يوماً ما، وقفت علي أطلال العمارة وأنا في حيرة من أمري ماذا أفعل وسط هذا الجبل المنهار، وأين بناتي "نهر" وندي وزوجتي مني وسط هذا الهرم، فلم أتخيل لحظة أن تغيب شمس "نور" المبدعة التي كانت رفيقة عمري خاصة في أعمالي الأدبية.
وماذا عن المفارقات الغريبة في الحادث؟
من مفارقات الحادث الغريبة أن أولادي وزوجتي قد قضوا اجازة العيد بصحبة أهل زوجتي في القاهرة، وكعادتنا كل عام نعود معاً إلي الإسكندرية بعد اجازة العيد.. هذه المرة عادت الأسرة وتركتني وحيداً في القاهرة، لكن معشوقتي "نهر" أصرت علي البقاء معي لتكون ملازمة لي. وأنا أستكمل عملي الأدبي الذي لم أضع له عنواناً حتي الآن، فلم يطلع عليه أحد غيرها، وأيضاً تستشيرني في وضع اللمسات الأخيرة والخاصة بموضوع رسالة الماجستير في الفنون الجميلة قبل مناقشتها في فبراير المقبل موعد مناقشة رسالة الدكتوراة في الفنون الجميلة، لكنني رفضت ورجوتها أن تعود مع شقيقتها ندي ووالدتها، وليتها ما عادت.. لكن تلك إرادة الله.
من الواضح أن هناك مفارقات كثيرة تريد شرحها؟
بالفعل.. وأنا أقف علي العقار المنهار كنت أظن أن الكابوس المرعب سوف يتحول إلي فانتازيا جميلة وتخرج نهر وندي وزوجتي مني إلي الحياة ثانية، لكن عند عملية البحث سمع رجال الإنقاذ صوت سيدة تستغيث، فتوقف البحث في حطام شقتي وتوجهوا علي الفور إلي الشقة المجاورة، وكنت مقتنعاً بما يفعله رجال البحث لأن المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وأنا من المهمومين بالشأن العام. ويضيف أسامة البحر قائلاً: إن الصوت الذي يستغيث كان لإحدي السيدات وتدعي (ياسمين) جاءت من الإمارات لتقضي الإجازة مع والدتها وكانت عروساً جديداً حاملاً، وللأسف الشديد لفظت أنفاسها الأخيرة عقب إنقاذها وهي في الطريق إلي المستشفي.
هل لي أن أسألك عن شعورك وقت استخراج جثامين أسرتك؟
كان الموقف عصيباً حيث أخرج رجال الإنقاذ في أول مرة زوجتي ورافقت جثتها في سيارة الاسعاف، وفور وصولي إلي المشرحة قبلتها قبلة الوداع الأخير، فكنت أحبها وسأظل وفياً لهذا الحب إلي الأبد، وأشكر المولي عز وجل أن أنزل علي السكينة ودعوت المولي أن يسكنها فسيح جناته، بعد ذلك المشهد الرهيب جاءني اتصال تليفوني من أخي وصديقي الفنان ثروت البحر ليخبرني بأن أظل مكاني لأستقبل جثة "نهر" واستقبلتها بنفس الطريقة التي استقبلت بها جثمان زوجتي، وتكرر نفس الأمر مع "ندي"، وهي المأساة المروعة، فقد خرجوا جميعاً من الحياة كما جاءوها علي الترتيب.
كلمة أخيرة تود قولها في هذا المشهد؟
أقول.. لقد أهداني الله يوماً زهرات ثلاثة من زهور جنته ثم استردهن إلي رحابه.. ولعلي أطمع في أن أكون أهلاً وقادراً برحمته تعالي، وأن أكون مؤمناً بقضائه وقدره، وأملي أن يجمعني بهم عندما يشاء، لأكون تحت أقدامهم مرة أخري كما كنت دائماً في دنياه.

الأحد 9 مارس ٢٠٠٨

1 comment:

Anonymous said...

بسم الله الرحمن الرحيم

" يا ايتها التفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي "

"ادخلوها بسلام آمنين ذلك يوم الخلود ان الملائكة مكانهم ليس بالارض بل ان مكانهم بالسماء حيث لا عين رآت و لا اذن سمعت
ربنا اجمعنا بهم بالجنة باذن الله "