الكلمة التى القاها المهندس/اسامة البحر امام جمهور الحاضرين بمقر مركز الجيزويت الثقافى بالفجالة- مساء الاربعاء 26/10/2011 فى الحفل الذى اقيم تكريما لروح شهيد الثورة الشاب /مينا دانيال بماسبيرو فى 9/10/2011 رحمة الله وتكريما لارواح كل شهداء الوطن.....

Sunday 2 March 2008

كلمة الأستاذة نادية الجلاد




فجعت عندما أخبرني أحد الزملاء فور عودتي من رحلة عائلية عن الكارثة التي حلّت بأستاذنا الفاضل أسامة البحر أثر انهيار مسكنه ومقتل جميع أفراد عائلته. وحزنت بالطبع للواقع المأساوي الذي سقط عامةً على جميع الضحايا ممن استشهدوا وأهاليهم اللذين نجوا ليعيشوا معاناة حقيقية على المستويين المادي والمعنوي. و تألمت لفداحة هذه الكارثة الحضارية التي يتكرر وقوعها ووقعها بلا علاج أو حساب ولا يحزنون! غمدهم الله برحمته وأعاضهم سكناً آمناً بنعيم جنته.

فقد وجدت نفسي أكثر تأثراً وانفعالاً لهذه الحادثة بالذات لإحتكاكي المباشر بعناصر القضية وإلمامي بأدق التفاصيل المؤلمة التي أدت لوقوع هذه الكارثة وبأبعادها المأساوية وذلك بموجب تواصلي الإنساني بأحد الضحايا بل وأكثرهم تضرراً ولإحساسي بالمعاناة على أرض الواقع. شعرت بمرارة وقهر أشد لهذا التدهور الحضاري الذي ننحدر اتجاهه وتحسرت على تلاشي القيم الإنسانية وبكيت رثاءاً وألماً لمصاب أستاذنا العزيز. فالفنان المهندس أسامة البحر على الجانب الشخصي إنسان دمث الأخلاق ومرهف وشديد الطيبة والحساسية، وعلى الجانب العام نموذج حي للعطاء والمثالية من خلال تطوعه لكثير من القضايا الفكرية والإنسانية، فقد التزم على مدى السنين العشر الماضية - وما زال مشكوراً - بالتعاون مع المفكر الفاضل د. علاء الأسواني يدير صالونا أدبيا أسبوعيا كرماً وتطوعاً. وقد تمكن وفقاً لسيرته الطيبة وأخلاقياته الراقية ومبادئه الإنسانية بالإضافة إلى ثقافته العالية أن يكسب ثقة أحد أهم المفكرين العرب (بل العالميين حالياً) ليكلفه مهمة التنسيق والإشراف على منتداه الثقافي، فبالإضافة إلى براعته في سلوكيات التعامل يتميز أستاذنا الفاضل بمهارة فائقة بتنسيق أولويات المواضيع المطروحة وضبط مجرى النقاش الذي يتناول قضايا شديدة الأهمية والحساسية. فمحور النقاش يتطرق من ناحية فنية إلى تحليل روائع الأعمال الأدبية عالمياً ومحلياً بالإضافة إلى تدعيم الأعمال الناشئة واحتضان المواهب الصاعدة في مجال النقد والكتابة، ومن ناحية فكرية يتطرق لأهم القضايا القومية الخاصة بكيان المجتمع المصري والعربي عامةً.


فوجئت عند حضوري لأول لقاء بعد عودتي من السفر - بعد مجرد مرور ثلاثة أسابيع على حلول الفاجعة (استشهاد الزوجة الحبيبة وملكيه الطاهرتين بالإضافة إلى دمار المنزل أو بالأحرى خلاصة شقاء العمر)- بحضور أستاذنا وقدرته المبهرة على الإحتفاظ بذلك التماسك النفسي والتوازن الفكري... ومهارته المميزة بقيادة وضبط الندوة. فوجدت نفسي أنفجر بكاءً عندما تطرق في آخر الندوة بهدوئه النفسي المعتاد إلى مستجدات المدونة الإلكترونية التي يعدها لعرض الإنجازات العملية والإنسانية للشهيدات المميزات وأمله في أن يجعل منها نصبا تذكاريا لهذه الفاجعة الإنسانية وحافز لمحاربة الفساد. بكيت رهبةً لذلك الشموخ النفسي وتلك القوة الروحانية الخارقة التي وهبها الله لهذا الإنسان المنضبط، وجلاءً لنعمة الإيمان التي أثابه بها دينياً ودنيوياً ليعينه على دمل أحزانه والشفاء من آلامه، وتقديراً للثراء النفسي الوافر الذي أعاضه به عن فقدانه ... بكيت من نفسي الضعيفة وعقلي التافه وقلة حيلتي عند الخسارة والابتلاء... بكيت على كل نبذة جحود تمكنت من الطغيان على مشاعري وانهماكي في تكبير أبسط الهموم وتأففي لأهيف الأمور. فقد شهدت كيف تستطيع النفس السوية ضبط تفاعلها مع فواجع الأقدار لتحافظ على نعمة السلم التي وهبها الله إيّاها


نادية الجلاد- الأردن

No comments: